الســلام علــيــكم ورحــمــة الــلــه وبركـــاتة
القصة ليست من نسج الخيال ولكنها أحد القصص الواقعية التي تدمى القلوب وتجعل الحليم حيران عند سماع تفاصيلها .
تفاصيل هذه القصة تبدأ بشاب بدأ حياته الدراسية متفوقًا ومحبوبًا من الجميع ، الكل يثني عليه والكل يحبه ، والكل ممن يعرفه يتوقع له مستقبلاً باهرًا .
أحبه معلموه حتى أصبح الأكثر طلبًا والأكثر احترامًا وقبولاً لديهم مما جعل معلم التربية الإسلامية يصر على أن يكون هذا الشاب على اختلاف مراحله الدراسية رئيسًا لجماعة التوعية الإسلامية ، ومنسقًا لاجتماعاتها ومراقبًا لطلابها ، وقد بدأت تبرز مواهب عديدة لدى هذا الطفل حتى أنه كان الأكثر مشاركة في الأنشطة المختلفة في مدرسته ، وكما تعرفون في أكثر المدارس التي يوجد بها اصناف مختلفة من الطلاب من بيئات مختلفة وأساليب مختلفة في التربية بدأ هذا الطالب من خلال مشاركاته في الأنشطة المتعددة يجتمع بأصناف مختلفة من هؤلاء الطلاب في المناشط الثقافية والتوعوية والرياضية لكونه كان متميزًا حتى في المجال الرياضي .
وفي أحد الأيام عرف معلم التوعية أن هناك العديد من طلاب المدرسة يشربون الدخان فسأل هذا الطالب عن إن كان لديه معرفة بهم فقال لا أعرف أحدٌ منهم !!
فعرض عليه المعلم لثقته فيه أن يكون (( مراقبًا )) لهؤلاء المدخنين وهو في المرحلة المتوسطة بحيث يحاول أن يختلط بهم ويطلب منهم أن يعلموه الدخان (( وليته لم يفعل )) !!
وفي إحدى رحلاته المدرسية كان يجلس في آخر الباص مع زملائه الطلاب ولم يكن معهم من المعلمين أحد حيث استقل المعلمان المشرفان علىالرحلة سيارة اخرى وكانوا يسيرون أمام الباص ، ومن خلال جلوسه في آخر الباص كان بالصدفة أحد المدخنين بجواره وطلب منه أن ينتقل لمكانه حتى يدخن بالقرب من النافذة حتى لايشعر السائق برائحة الدخان ، فطلب هذا المتفوق (( شفطة )) على حد قوله لكي يقبل بالتنازل عن المكان فوافق زميله على ذلك وكانت بداية الرحلة بين مزحة وتجربة ومراقبة تنفيذًا لتوجيهات معلمه !!
حيث كان يطلب منه أن يتظاهر لهم بأنه يشرب الدخان بوضع السيجارة في فمه بخوف حتى يكشف الدخنين وقد بدأ في كشف عددٍ منهم (( ولكن )) هل استمر الحال على ذلك ؟!
بل ومن خلال متابعته لهؤلاء المدخنين (( وتعوده )) على وضع السيجارة في فمه (( وسوس )) له الشيطان بتجربة هذه السيجارة لأنه يرى الإنشراح والراحة (( الوهمية )) المصطنعة على وجوه المدخنين ممن هو مكلف بمراقبتهم والإبلاغ عنهم ، وقد اندمج مع مرور الأيام مع هؤلاء الأصحاب رغم استمراره في النشاطات المختلفة وثقة معلميه فيه ومعرفتهم بمتابعته للمدخنين إلا أنه (( وبذكاءه )) استطاع أن يخفى شربه للدخان عن معلميه بل وأصبح يقوم بإخفاء الدخان لأصحابه لكونه الطالب الموثوق به من قبل المعلمين وخصوصًا معلم التربية الإسلامية !!
واستمر الحال على هذا المنوال في (( غفلة )) من معلميه (( الأشاوس )) الذين (( مهدوا )) له الطريق نحو الإنحارف الذي ستلاحظونه لاحقا !!
ودخل هذا الطالب المرحلة الثانوية بتفوق وقد كان في أسرة ميسورة الحال (( تباهي )) به أمام الآخرين وقد كان والده يثق به ثقة كبيرة وكان لايرفض له طلبًا اعتقادًا منه أن هذا الابن لازال كما عهده بعيدًا عن أصدقاء السوء !!
وقد كان يطلب من والده الذهاب لأصدقاءه ليذاكر دروسه معهم خلال أيام الأسبوع ، ويذهب ليلعب الكرة في نهاية الأسبوع ، وقد كان الوالد (( الذكي !! )) غافلاً عما يحدث حيث كان يذهب لهؤلاء الأصدقاء الذين تعلم معهم الدخان في المرحلة المتوسطة للتنزه وشرب الدخان والضحك وما إلى ذلك ، وقد كان لذكاء هذا الشاب في فهم الدروس بسرعة الأثر الأكبر في نجاحه في إخفاء الحقيقة عن والده واستطاع أن ينجح في السنة الأولى ثانوي بتقدير جيد جدًا فغضب الأب ولكنه سرعان مااقتنع بأن هذه المرحلة جديدة وصعبة ولكنه فهم أسلوبها وسيكون الأهم في السنة الأولى والثانية فهم المواد أكثر من الدرجات التي لاتهم إلا في السنة الثالثة !!
وقد اقتنع الأب (( !! )) بهذه الفكرة المقنعة من وجهة نظره (( لثقته )) في ابنه أنه يستطيع كما عوده أن يكون بين صفوة التلاميذ !!
وفي السنة الثانية استمر الوضع كما هو عليه في السنة الأولى حتى جاءت الاختبرات النهائية فلم يجد نفسه إلا تائهاً عن المعلومات التي تلقاها في المدرسة ونظرًا لثقة والده فيه لم يعد يسأل عنه في المدرسة وعادة المدرسة لاتتصل في الأب إلا في حال حدوث مشكلة وقد كان يخدمه ذكاءه في عدم إثارة أية مشاكل في المدرسة وكان سيره عاديًا في هذه المرحلة ولأنه انتقل من مرحلة لأخرى لم يكن المعلمون لديهم فكرة كافية عن مستواه في المرحلة المتوسطة وماقبلها لأن ليس لديهم الحق في معرفة مستويات طلابهم السابقة قبل دخولهم في معمعة الدراسة وهذه أحد أخطاء تعليمنا العزيز !!
نعود إلى ما آل إليه حال هذا الشاب في نهاية السنة الثانية حيث كان خائفًا على غير العادة هو وأصحابه لعدم اهتمامهم بالدراسة خلال العام الدراسي وخصوصًا الفصل الثاني !!
وقد (( عرض )) عليهم أحد هؤلاء الأصحاب (( الأبيض )) الذي يجعلهم (( حسب زعمه )) يواصلون الليل بالنهارللمذاكرة من دون أي شعور بالإرهاق فوافقوا جميعًا على ذلك ولكونه خائفًا لايعرف خطورته ولمصاحبة هؤلاء الأفذاذ قبل بهذا العرض الذي شعر معه في بداية الأمر بالراحة والإنتعاش ولم يكن يعلم بأن النهاية في مستشفى الأمل بعد فوات الأوان !!
وانتهى العام بنجاح ضعيف أخفى فيه الشهادة عن والده بعد أن عاد إليهم فرحًا يزف إليهم البشرى بتفوقه !!
وخوفًا على نفسه بعد أن عرف أنه أصبح مدمنًا اقترح عليه أحد أصدقائه بالسفر الجماعي إلى إحدى الدول الآسيوية لتلقى العلاج فعرض على والده السفر للمتعة وأخذ دورة لغة إنجليزية في هذا البلد الآسيوي فوافق الأب بعد نقاش مع الابن حول سفره إلى بريطانيًا ولكن الابن أصر علىالسفر مع زملائه لمعرفتهم باحد رعايا هذه الدولة التي سيذهبون إليها وأنه يعمل لدى والد أحد اصدقاءه وأن والده طلب منه أن يساعدهم في هذه المهمة (( !! )) وصدق والده القصة المصطنعة !!
وسافر الشباب (( !!! )) إلى ذلك البلد الآسيوي يحدوهم الأمل الوهمي في نجاح ماذهبوا إليه ليعودوا أسوياء استعدادًا لشهادة الثانوية التي بها يكونون أو لايكونون !!
ووصلوا بسلام إلى ذلك البلد وسكنوا في أحد الفنادق وعرضوا أمرهم على أحد موظفي الفندق ووعدهم خيرًا ، وفي اليوم الثاني أرسل لهم (( فتاة )) لتدلهم على مايريدون ، ورافقتهم الفتاة إلى عدد من المراكز العلاجية التي كانت أثمان العلاج فيها مرتفعة الثمن ، وعندما شعرت بيأسهم عرضت عليهم اقتراحًا بتسجيلهم في إحدى الأندية العلاجية فوافقوا فرحين وذهبت بهم إلى النادي ودخلوا جميعًا بعد أن سبقتهم في خطة محكمة منها مع عدد من صديقاتها في هذا النادي لتعرفهم على هؤلاء الشباب فتعرفوا على البنات (( الأعضاء )) واستبشروا خيرًا بصدق نوايا هؤلاء البنات فأصبحوا يذهبون إلى هذا النادي ولكونهم تعرفوا على الفتيات أصبحوا ملازمين لهم يعودون معهم إلى الفندق ليكملوا السهر وما إلى ذلك !!
وقبل سفرهم بيوم بعد أن قضوا لياليهم الحمراء خلال الأيام الأخيرة مع هؤلاء الفتيات وجدواهن وقد تركوا لهم ماوعدوهم به وهي بطاقة عضوية في ذلك النادي حيث أخبروا هؤلاء الشباب بأنهن سيسافرن في رحلة إلى مدينة اخرى على حساب ذلك النادي !!
وفرح الشباب ببطاقة العضوية التي لم تكن تحمل إلا اسم كل منهم واختصار لكلمة مرض نقص المناعة المكتسب (( الإيدز )) ولجهلهم لم يعرفوا هذا الاختصار المؤلم بل احتفضوا ببطاقاتهم في محافظهم إلى أن ساءت حالة هذا الشاب في منتصف العام (( الثالث الثانوي )) وذهب به والده إلى احدى المستشفيات ليكتشف الخطأ الذي وقع فيه منذ مراحله الأولى (( باستهتاره )) وغروره بذكاءه ليفاجأ أن الطبيب يعرض عليه نتيجة التحليل وبها نفس تلك الرموز التي تحملها البطاقة !!!
فأخرج البطاقة ليريها للطبيب فبكى الطبيب بعد أن عرف القصة المؤلمة لنهاية هذا الشاب !!
فمن يتحمل هذه المأساة :
الأب الذي لم يتابع ابنه بشكل كافٍ لثقته العمياء في ابنه ؟؟
أم ذلك المعلم (( !! )) الذي وجه الطالب لمتابعة المدخنين دون أن يعرف ماذا ستؤول إليه النتيجة ؟؟
أم لهذا الشاب الذي وقع ضحية غروره ؟؟
للأسف هذه القصة حقيقية وليست من نسج الخيال وأتمنى أن يتقى كل منا الله في الأبناء والإخوان والطلاب فهم أمانة كبيرة في أعناقنا.
م ن ق و ل